إثيوبيا تدشن أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا رغم معارضة مصر والسودان

اخبار ع النار-افتتحت إثيوبيا، اليوم الثلاثاء، رسميًّا أكبر سدّ كهرومائي في أفريقيا، في مشروع من شأنه تزويد ملايين الإثيوبيين بالطاقة الكهربائية، لكنه يعمّق في الوقت نفسه الخلاف مع مصر الواقعة في مجرى النهر الأدنى، وهو خلاف ألقى بظلاله على استقرار المنطقة.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في رسالة نشرها على منصة “إكس”، لمناسبة تدشين السد، إن “إثيوبيا نهضت، ومن الآن فصاعداً لن تعود إلى الوراء”.
وتعدّ إثيوبيا، ثاني أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان البالغ 120 مليون نسمة، سدّ النهضة الإثيوبي الكبير، الذي بلغت تكلفته 5 مليارات دولار ويُقام على أحد روافد نهر النيل وهو النيل الأزرق، محورًا أساسيًّا في طموحاتها للتنمية الاقتصادية.
وفي تصريح ، قال مستشار وزير المياه والطاقة الإثيوبي إن بلاده تسعى عبر التفاوض الجاد لتهدئة مخاوف دول الجوار بشأن سد النهضة.
ويشير تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية إلى أن “سد النهضة الكبير” الذي يشكل مصدر اعتزاز لإثيوبيا، هو موضع إجماع نادر الحصول في بلد يشهد عدة نزاعات مسلحة بعضها لا يزال جاريا ولا سيما في منطقتي أوروميا وأمهرة، ثاني أكبر أقاليم البلد من حيث التعداد السكاني، وبعضها انتهى كما في إقليم تيغراي حيث توقفت الحرب في 2022 بعدما أوقعت 600 ألف قتيل بحسب تقديرات الاتحاد الأفريقي.
ويقع المشروع منذ وضع حجره الأساس في صلب لعبة جيوسياسية إقليمية كبرى، ويواجه انتقادات شديدة من مصر التي تعتبره تهديدا وجوديا لها إذ قد يؤدي إلى تراجع مواردها المائية.
وقال رئيس الوزراء آبي أحمد إن إثيوبيا ستستخدم الطاقة الناتجة لتحسين وصول مواطنيها إلى الكهرباء، مع تصدير الفائض إلى دول المنطقة.

مخاوف مصرية وسودانية
لكن دول المصب تابعت تقدم المشروع بقلق بالغ. فمصر، التي شيّدت السد العالي في أسوان في ستينيات القرن الماضي، تخشى أن يؤدي سدّ النهضة إلى تقليص حصتها من المياه في فترات الجفاف، ويفتح الباب أمام إقامة سدود أخرى في أعالي النيل.
ومنذ البداية، عارضت القاهرة المشروع بشدة، معتبرةً أنه ينتهك اتفاقيات مياه تعود إلى الحقبة الاستعمارية البريطانية، ويمثل تهديدًا وجوديًّا لها.
وتعتمد مصر، التي يبلغ عدد سكانها نحو 108 ملايين نسمة، على نهر النيل لتأمين نحو 90% من احتياجاتها من المياه العذبة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلف، لرويترز الاثنين، إن مصر ستواصل متابعة التطورات على النيل الأزرق عن كثب، و”ستمارس حقها في اتخاذ جميع الإجراءات المناسبة للدفاع عن مصالح الشعب المصري وحمايتها”.
وانضم السودان إلى دعوات مصر للتوصل إلى اتفاقات قانونية ملزمة بشأن ملء وتشغيل السد، لكنه قد يستفيد أيضًا من تحسين إدارة الفيضانات والحصول على طاقة رخيصة.
وكان موقف القاهرة قد حظي بدعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى، إذ وصف الوضع بأنه خطير، وقال إن القاهرة قد تنتهي إلى “تفجير ذلك السد”، لكن إدارته فشلت في التوصل إلى اتفاق بشأن المشروع، رغم سنوات من المفاوضات التي لم تثمر عن نتيجة.

إثيوبيا: مشروع سيادي وفرصة مشتركة
مؤكدةً أن تطوير المشروع حق سيادي، واصلت إثيوبيا العمل فيه، وبدأت عام 2020 ملء الخزان على مراحل، مؤكدةً أن السد لن يلحق ضررًا كبيرًا بدول المصب.
وقال آبي أحمد أمام البرلمان في يوليو/ تنوز الماضي “سد النهضة ليس تهديدًا، بل فرصة مشتركة. الطاقة والتنمية التي سيوفرها ستنهض بإثيوبيا، ولن تقتصر فوائدها عليها”.
وتشير أبحاث مستقلة إلى أنه لم تُسجَّل حتى الآن اضطرابات كبيرة في تدفق المياه إلى دول المصب، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى وفرة الأمطار واتباع سياسة ملء حذرة خلال مواسم الأمطار على مدى خمس سنوات.
وبحسب وسائل إعلام محلية، موّل البنك المركزي الإثيوبي 91% من تكلفة المشروع، فيما ساهم المواطنون بنسبة 9% عبر شراء السندات والتبرعات، من دون أي دعم خارجي.

تحديات الربط بالشبكة الوطنية
غمرت بحيرة السد مساحة تفوق مساحة لندن الكبرى، وتقول الحكومة إنها ستوفر تدفقًا مائيًّا مستقرًّا لتوليد الكهرباء والري في مناطق المصب، مع الحد من الفيضانات والجفاف.
لكن سكان الأرياف في إثيوبيا قد يضطرون إلى الانتظار فترة أطول للاستفادة من الطاقة الإضافية، إذ لا يتصل بالشبكة الوطنية سوى نحو نصفهم.
ويرى مات برايدن من مركز أبحاث “ساهان” أن العلاقات مع مصر تدهورت خلال العام الماضي، وقد تتفاقم أكثر. فخطة إثيوبيا، الدولة الحبيسة، للحصول على منفذ بحري عبر خصميها السابقين إريتريا أو الصومال، دفعت مصر إلى دعم أسمرة ومقديشو.
وأضاف برايدن أن فكرة أن تتحكم مصر، الخصم الاستراتيجي، ليس فقط في استخدام مياه النيل، بل أيضًا في الوصول إلى البحر الأحمر، أمر غير مقبول بالنسبة لأديس أبابا.
وتم إطلاق مشروع “سد النهضة الإثيوبي الكبير” في أبريل/نيسان 2011 بميزانية بلغت 4 مليارات دولار. ويعد أكبر مشروع كهرومائي في أفريقيا، إذ يبلغ عرضه 1.8 كيلومتر وارتفاعه 145 مترا في حين تصل سعته إلى 74 مليار متر مكعب من المياه.

Read Previous

توجه لإدخال مركبات السياحية مخصصة لذوي الإعاقة قريبا

Read Next

شحادة: 3 قرارات حكومية لتحفيز سوق عمّان المالي

Most Popular