خوفا من الغارات الجوية الإسرائيلية على المباني.. أمضى رامي عوض أياما يبحث عن خيمة لنقل عائلته إلى مخيم خارجي آمن نسبيا في رفح بجنوب قطاع غزة لكنه لم يتمكن من العثور على واحدة، وذلك بحسب ما ذكره شقيقه محمد عوض.
واستشهد رامي وزوجته واثنان من أبنائهما وأقارب آخرون في ساعة مبكرة السبت، عندما تعرضت الشقة التي كانوا يقيمون فيها في مدينة خان يونس بجنوب القطاع للقصف.
ونجا الابن الثالث، محمود عوض (11 عاما) لأنه أمضى الليلة في شقة أخرى. وبحلول الصباح، ذهب إلى مشرحة المستشفى الأوروبي حيث كان والداه وشقيقاه يرقدون على رفوف معدنية ملفوفين بأكفان.
وقال محمود وحوله أطفال آخرون يستمعون إليه في صمت “قالت لي أمي ’روح نام الليلة عند دار خالك عيسى’. روحت نمت عند دار خالي عيسى، قصفوا الدار (التي كانت تقيم فيها العائلة)”.
وأضاف وهو يتحدث بهدوء ويأخذ أنفاسا سريعة كما لو كان يحاول كبت البكاء “استشهدوا أخواتي، أبوي رامي عوض وأخوي الصغير بالصف الثاني وأخوي معاذ الكبير بالصف الثامن… وأمي”.
وكان هناك أفراد آخرون من العائلة بالمشرحة منهم فتاة صغيرة مصابة بجروح في وجهها وعدد من النساء اللاتي كن يحطن بها ويعانقنها وجميعهن يبكين.
وداخل المشرحة، جثت امرأة على ركبتيها بجوار جثة شاب مكشوف الوجه وبكت وهي تضع يدها على وجنته.
وكانت هناك جثة طفل صغير وسط الشهداء.
نزوح من مخيم لاجئين
قبل الحرب، عاشت عائلة عوض في مخيم الشاطئ للاجئين، ثم آوى أبناءهم وأحفادهم من بعدهم. ويقع مخيم الشاطئ في مدينة غزة.
وقال محمود “كنا في مخيم الشاطئ ونزلوا (الجيش الإسرائيلي) مناشير أنه غزة ساحة حرب، فنزحنا على خان يونس على أساس أنها أمان وقصفونا أيضا”.
وكانت الأسرة ماكثة مع أقارب من جهة الأم يعيشون في ثلاث شقق في مدينة خان يونس.
وكان محمد، عم محمود وشقيق والده رامي، بين المشيعين أمام المشرحة.
وقال محمد “والله كان في مجال معاهم أنهم ينجوا لكن انقصفوا وهما نائمين في البيوت… أخويا الوحيد إله خمسة أيام بلف الأرض من الشرق إلى الغرب عشان خيمة بدو يروح على غرب رفح، هي نصيبه”.
وأمكن سماع دوي الانفجارات في أثناء تحدثه.
وأضاف محمد وهو يذرف الدموع “مش عارف شو بدي أحكي. مش قادر”.
واندلعت الحرب بعد عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول، وردت إسرائيل التي توعدت بالقضاء على حماس بهجوم عسكري على القطاع الساحلي المكتظ بالسكان، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 22700 فلسطيني وإصابة ما يربو على 58100، بحسب وزارة الصحة في غزة. وتسببت الحرب أيضا في نزوح أغلب سكان القطاع وأحدثت كارثة إنسانية.