ليس عيبًا الدفاع عن الأردن … 

قد يكون الأردن هو الأكثر تعرضاً للهجوم في الفترة الأخيرة وتحديدًا خلال معركة طوفان الأقصى ما بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الاسرائيلي وخلال فترة الحرب هذه – أو قُل – مجزرة الشعب الفلسطينى التي يرتكبها جيش همجي فَقَد المنظومة الأخلاقية التي يُفترض أن يتحلى بها الإنسان- أي إنسان- ، فهو جيش لا يُحارب بل يُمارس القتل ضد أناس مدنيين لا حول لهم ولا قوة .

وإذا كانت حرب غزة هي الحرب الكاشفة أو الفاضحة لكثير مما كُنّا نسمعه سواء أكان هذا الذي نسمعه من الغرب المتحضر أو من الشرق الخانع ، وإذا كانت حرب غزة قَد عرّت الكثير من الدول وفضحت الكثير من المواقف فإنها على الجانب الآخر قد بيّنت الخبيث من الطيب في مواقف الدول العربية.

وإذا كُنتُ معتادًا أن لا أتدخل أو أناقش مواقف الدول العربية إحتراماً لهذه الدول ولأنني لا أقبل أن يتدخل الآخرين في مواقف الدولة الأردنية لأن هذا الأمر هو مِن حقّ مواطني كل دولة من هذه الدول .

وعودًا على بدء فإن ما تعرضّ له الموقف الأردني من تشكيك ومزايدة من قبل البعض يعود في مردّهِ الى ضعف تسويق الرواية الأردنية بسبب ضعف القائمين على توضيح هذا الموقف وعدم وجود رؤية إعلامية يستند اليها المسؤول الأردني ، إضافة الى عدم وضوح الرؤية للموقف الرسمي مما يحصل ، وبالتالي ومن خلال إحتكاكي بكثير من هولاء المسؤولين فإن الرؤية لديهم غائبة وتنقصهم الكثير من الجرأة في الدفاع عن الموقف الأردني لأسباب لا زلت أجهلها ، وللتدليل على هذا التردد الحكومي وتحويل الموقف الأردني من موقف مناصر وداعم للقضية الفلسطينية الى موقف يحمل التخوين والتشكيك وهذه بعض الأمثلة على ذلك :

– بداية معركة طوفان الأقصى كان الموقف الأردني وبسبب بعض المسؤولين الذين غابوا عن المشهد ومترددين في إعلان المواقف الأردنية الداعمة للشعب الفلسطيني وانتظار هولاء المسؤولين لتوجيهات معينة لتحديد المسار الأردني ولا أعرف ممن كانوا ينتظروا هذه التوجيهات وتركنا الساحة- مع الأسف- لكثير من الدول لتسجيل مواقفها على حسابنا.

– عند بداية خروج المظاهرات المؤيدة للمقاومة الفلسطينية تم الوقوع في عدة أخطاء في التعامل مع المتظاهرين وحتى لو ارتكب بعضهم بعض التصرفات الخارجة على القانون فنحن في الاردن وفي ظل القيادة الهاشمية أعتدنا التغاضي عن كثيرًا من التجاوزات في سبيل المصلحة الوطنية.

– عند تقديم المساعدات الى الاهل في غزة بواسطة الإنزال الجوي وبدل من إيضاح الأمر على حقيقته وبيان ان الأمر تم بالتنسيق مع الجهات الفاعلة وإننا استفدنا من اتفاقية السلام لغايات إيصال هذه المساعدات وبدون خجل تركنا الأمر معوّماً وبدل ان يتم تقدير الموقف الأردني حدث العكس .

– لم يستطع الأردن ترميم العلاقة مع قيادة حماس في هذه المرحلة والدخول كلاعب رئيسي في هذه الأوقات وتمترسنا خلف مواقف جامدة وتناسينا انه في السياسة لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة .

– لقد وضع الأردن ومع الأسف وكما يقال في المثل الشعبي بيْضِهِ في سلة واحدة وربطنا مواقفنا مع دول واشخاص ومنظمات كانت خاسرة في مواقفها.

– لم يستطع الكتاب والصحفيين في وسائل الإعلام الرسمية من البناء على مواقف جلالة ألملك وجلالة الملكة والاستفادة من اختراقهما للإعلام العالمي ومساندتهما في ذلك وهنا نتذكر الهجمة الشرسة التي تعرضت لها جلالة الملكة بعد مقابلتها الشهيرة مع إحدى وسائل الإعلام العالمية.

– لقد كانت وسائل الإعلام الأردنية في معظم خطابها الإعلامي موجهة للداخل الأردني وكأن هناك اختلاف ما بين الموقفين الرسمي والشعبي وأصبح حالنا كما يقال في المثل الشعبي الأردني كَمن يَقصُد ويَرُد على حاله .

في الحقيقة ان الموقفين الرسمي والشعبي من أكثر المواقف المنسجمة مع بعضها البعض ولكن مع الأسف الشديد ضُعف بعض المسؤولين وارتجافهم وعدم وضوح الرؤية لهم أظهرتنا وأظهرت الأردن وكأنه ضد الإخوة والأهل في فلسطين!!! فمتى سيُدرك هولاء المسؤولين أنّ الاردن بحاجة الى رجال سياسة حقيقيين ورجالاً يدركون ويفهمون الموقف الرسمي الأردني بعيدًا عن هذا الفهم الصبياني .

المحامي فضيل العبادي

رئيس اللجنة القانونية/ مجلس محافظة العاصمة

إقرأ الخبر السابق

الأردنيون يجددون إعتصامهم في ساحة الكالوتي تضامناً مع غزة

اقرأ الخبر التالي

اختطاف سفينة على متنها 15 بحارا هنديا قرب ساحل الصومال

الأكثر شهرة