العربيات يكتب: السلط.. حيث يُصاغ المستقبل بأيادٍ أردنية

العربيات يكتب: السلط.. حيث يُصاغ المستقبل بأيادٍ أردنية .

الأردن/ هاشم أمين عربيات 🇯🇴 .

في مدينة السلط، حيث الجبال تعانق الغيم، والتاريخ يحاكي الحاضر برصانة وكرامة، يولد الأمل من جديد في:
مركز التدريب المهني – السلط،
الذي لم يعد مجرد مؤسسة تعليمية، بل صار مصنعًا للوطنية، وحاضنةً للإبداع، وموئلًا للشباب الحالم بالتغيير.

ليس غريبًا أن تتناغم خطوات التحديث مع توجيهات سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، الذي أولى اهتمامًا خاصًا بالحرف اليدوية الأصيلة، فدعم إنشاء الأكاديميات في مادبا وعجلون لتكون منارات للفن والتراث. ويُنتظر أن تحتضن السلط قريبًا أول أكاديمية وطنية لصناعة وإنتاج الحرف اليدوية، من الخزف إلى النسيج، في نهضة شاملة تمزج الأصالة بالحداثة.

وليس من باب المصادفة أن يكون مركز التدريب المهني في السلط هو أول محطة زارها دولة رئيس الوزراء جعفر حسان في المدينة، حيث خصّه باهتمام بالغ، وصرّح حينها:

“من يبحث عن مستقبل حقيقي وريادة حقيقية، عليه أن يكون جزءًا من التدريب المهني ومجالاته المستحدثة.”
كلمات تلخّص رؤية وطنية تؤمن بأن التغيير يبدأ من التعليم الإنتاجي، وأن السلط اليوم ليست فقط حاضنة للهوية، بل منصة لانطلاقة كبرى.

لكن السلط، كعادتها، لا تكتفي بالتقليد، بل تصنع الفارق:

🔴📌 أول تخصص تدريبي للصناعات الدوائية في الشرق الأوسط:
في خطوة غير مسبوقة، استحدث مركز السلط للتدريب المهني أول تخصص تدريبي من نوعه على مستوى الشرق الأوسط: الصناعات الدوائية.
ليس مجرد اسم براّق، بل مسار متكامل يُعلّم الشباب خطوات إنتاج الحبة الدوائية، من المادة الخام حتى تغليفها، وفق أعلى المعايير الصناعية.
وهذه ليست رفاهية تعليمية، بل ضرورة وطنية، خصوصًا في مدينةٍ تحتضن مصانع كبرى مثل “الحكمة”، ويُنتظر منها أن تكون مركزًا إقليميًا لتصنيع الأدوية.

🎯🔴 تكنولوجيا تنتج فرصًا لا أحلامًا:
ومع التحول العالمي السريع نحو المركبات الكهربائية، قرر المركز أن يسبق الزمن، فاستحدث قسم صيانة السيارات الكهربائية والهايبرد، ليُدرّب شباب السلط على تكنولوجيا الغد، ويخرجهم بعقود تشغيل مضمونة.
وفي المقابل، قسم آخر يلتقط نبض الشارع: صيانة الأجهزة الخلوية والألعاب الإلكترونية، وهو تخصص حيوي في زمن تتغير فيه الأجهزة بسرعة البرق.

🔴 من التكييف إلى التمكين: قصص نجاح بأسماء أردنية
قسم التكييف هنا ليس مجرد غرفة تدريب، بل مسرح لحكايات شباب بدؤوا من الصفر وأصبحوا أصحاب مشاريع خاصة، يروون لنا أن التدريب ليس نهاية، بل بداية حقيقية للاستقلال والتمكين.

🔴 الطين الذي يصوغ الهوية 🇯🇴
وهنا نقف وقفة تأمل، لأننا لا نتحدث فقط عن منتج، بل عن قصة ترابٍ تحوّل إلى فخر.
من طينة العارضة وماعين تبدأ الرحلة؛ تُصفّى وتُعالج وتُخلط، لتخرج في النهاية قطع خزفية وقوارير ونثريات تضاهي أرقى المنتجات العالمية.
وهنا الفارق: كل قطعة تحكي قصة أرض، ويد، وهوية.

🔴 صدمة فخر: (خيط السلط)
أتعلمون أن الخيط المستخدم في قسم النسيج والخياطة هو خيط أردني 100%؟
اسمه ببساطة: خيط السلط.
خيط ذو كفاءة عالية، يُستخدم في أحدث تقنيات الطباعة الحرارية والتغليف الفني، ليخرج المنتج محليًا بفكر عالمي.

🔴 من الإنتاج إلى التسويق: دمج الذكاء الاصطناعي
وهنا يتجلى الطموح: قسم الحاسوب وقاعات رقمية حديثة معدة لتدريب الشباب على تسويق منتجاتهم باستخدام الذكاء الاصطناعي، وإقامة ورش لتعزيز المهارات الإنتاجية والرقمية، ليصبح كل متدرب مؤهلًا ليس فقط لصنع منتج، بل لبيعه وتطويره وتحويله إلى علامة تجارية ناجحة.

🏅 شكر وطني واعتزاز أردني
من قلب الإنجاز، لا بد من رفع القبعة احترامًا وتقديرًا لإدارة المعهد وكل الكوادر العاملة فيه، وخصوصًا للسيدة اعتزاز شنيكات، هذا النموذج الأردني المشرّف الذي يستحق وسام تكريم وطني بامتياز.
فما حدث في المركز ليس تطويرًا روتينيًا، بل نقلة نوعية حوّلت المكان من برامج مكررة إلى مصنع إنتاجي متكامل بكفاءة وأيدٍ أردنية خالصة.
هذه الجهود الجبارة يجب أن تُقابل بدعم رسمي، وعلى رأسه إعطاء المركز أولوية كبرى في الموازنة القادمة، وتكثيف الزيارات الميدانية من قبل الوزارات والمؤسسات المعنية، وفتح باب التشاركية مع القطاع الخاص.
ونقترح أيضًا إنشاء مركز عرض دائم للمنتجات اليدوية داخل السلط، ضمن المسار السياحي، ليكون واجهة فنية وثقافية للمركز، مع المشاركة الفاعلة في المعارض الوطنية والدولية، والانطلاق في تأسيس الأكاديمية الوطنية الأولى لصناعة الخزف والنسيج والمنتجات التراثية.

🎯 ليس ختامًا، ولكنها البداية…
من التدريب إلى سوق العمل، ومن سوق العمل إلى قصص نجاح تُكتب بسواعد أردنية 100%… ليست هذه نهاية الحديث.
هذا المقال هو عنوان البداية لمشروع محلي وطني، يخدم شبابنا، يُحيي المسار المهني، ويخلق فرصًا حقيقية، ينهض بها المجتمع، وتولد فيها الابتكارات من رحم المعاناة إلى قمة الإنجاز.

ففي السلط…لا شيء مستحيل،
والمستقبل يُصاغ طينًا، ويُغزل خيطًا، ويُعبّأ دواءً،
ويُباع منتجًا…لكنه دومًا يحمل توقيع:

“أردن أرض العزم” ♥️🇯🇴 .

حفظ الله الأردن أرضا وشعبا وقيادة 🇯🇴.

Read Previous

حسّان: أمام العقبة مشاريع استراتيجية تتطلب جهودا مضاعفة لدعمها وتنفيذها

Read Next

الاتحاد الأوروبي يتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل لاستئناف المساعدات إلى غزة

Most Popular