الدولةُ المُجرِمة …
ما يزيد عَنْ السَنة والنصف والعالم يُشاهد على الهواء مباشرة كيف تحَوَلت غزّة مِنْ مدينة إلى مقبرة جماعيه ، الركام صار مشهدًا يوميًا ، الجثث تُنتشل مِنْ تحت البيوت ، الأطفال بلا أطراف والعالم- بِكُلّ مؤسساته – لا يكاد يرفع صوتًا أو صامتًا بخشوع !! .
ما يحدث لَمْ يَعُد يندرج في باب الرد المشروع !! ولا الدفاع عَنْ النفس !! ما حَدَثَ ويحدث هو توغل في الجريمة ومجازر ممنهجة وتدمير سافر لإنسانية الإنسان !! .
حَتّى اولئك الذين يُجادلون في شرعية ما حَدَثَ في 7 اكتوبر لا يمكنهم تبرير مقتل واستشهاد ما يزيد على الخمسين ألف شخص !! وما يزيد على المئة ألف جريح وتشريد مليوني إنسان .
هل أصبح القتل الجماعي عقوبة مُعترف بها دوليًا ؟ هل أصبح الأطفال والطواقم الطبية والصحفيين هدفًا مشروعًا لهذهِ الحرب ؟؟ هل يُعقل ان تتحول دولة بِكُلّ مؤسساتها إلى آلة للانتقام ؟ لا تُفرّق بين طالب مدرسة ومُقاوم ؟ .
إسرائيل لَمْ تكتفِ بقتل المدنيين ، بل قَتَلت :
قرارات مجلس الأمن التي تدعو لوقف إطلاق النار .
محكمة العدل الدولية التي طالبت بوقف الانتهاكات .
مبدأ التناسب الذي يُشكل جوهر العدالة الجنائية .
ميثاق حقوق الانسان الذي يُحرّم ويُجرّم قتل الأطفال والطواقم الطبية والإعلامية .
ما تقوم بِهِ إسرائيل اليوم هُوَ جريمة حرب مُكتملة الأركان ، لا بل جريمة ضد الانسانية .
يُقرّ القانون الدولي أنّ الاحتلال يولّد المقاومة ، وأنّ مِنْ حَقّ الشعوب التي ترزح تحت الاحتلال ان تدافع عَنْ نفسها ، لكن دولة إسرائيل تريد ان تحتكر المعاناة ، وتُجرّم كُلّ مَن يقول لا !! وتطلب مِنْ الفلسطيني أن يموت بهدوء .
كَيفَ يُمكن لدولة تدعي الديموقراطية والحضارة أن تمارس حصارًا مُطبقاً على شعب مدة تزيد على العشرين عامًا ؟؟ كيف لها ان تمارس الفصل العنصري ؟ كيف لها ذلك وهي تمارس القصف الوحشي على المدنيين ؟ .
هذهِ لَيست دولة .. هذهِ عصابة مُجرمة .. هولاء قَتَلة !! هذهِ مجموعة مارقة محمية بالفيتو !! .
العالم لَنْ يُحاسَبْ فقط على ما فَعَله بل على ما سَكتَ عَنه .
وإسرائيل لا تُعيد تشكيل الشرق الاوسط بل تهدم ما تبّقى مِنْ مفهوم العدالة الدولية !!
إنْ لَمْ يَكُن ما يحدث في غزّة جريمة حرب .. فَمَا هي الجريمة إذن ؟؟ وإنْ لَمْ نُسمِّ القاتل بإسمهِ .. فمتى نملك الجرأة ؟؟.
المحامي فضيل العبادي
رئيس اللجنة القانونية / مجلس محافظة العاصمة
