نقاط على حروف المعركة..

محمد حسن التل

نعم…
يعلم نتنياهو تماما ومن معه ومن يدعمه أنه لن يبقى شيء في غزة يستأنف الحرب من أجله، ومدرك تمامًا أن المقاومة في غزة لم تعد كما كانت وأن الحرب أتت على معظم قدراتها، ويعلم أن قيادة حماس وافقت على كل شروط الإتفاق والتزمت بها، والحرب أصبحت بالنسبة له ليس القضاء على المقاومة أو تحرير الأسرى، وهو يعلم أن المفاوضات لو استكملت حول تنفيذ الإتفاق لاستطاع أن يعيد الأسرى بكامل عددهم وربما يكون استمرار الحرب في ظاهرها بالنسبة له الاستمرار بالحكم، والخضوع لشروط حلفائه في الحكم، وتهديدهم له بإسقاط الحكومة، وبالتالي خسارته لمنصب رئيس الوزراء في تل أبيب وبالتالي مواجهة مصيره المحتوم في محاكمته الجارية حيث ستكون نهايته بالسجن وبالتالي نهاية غير مشرفة بالنسبة له….

لكن الحقيقة خلف دخان الحرب أن كل ما تقوم به إسرائيل بقيادة نتياهو في غزة من قتل وتدمير وإبادة هو تمهيد لتنفيذ مشروع بن غفير وسمورتش وغيرهما الذي هو بالأصل مشروع الصهيونية التاريخي باحتلال كامل فلسطين وتهجير أهلها منها سواء في غزة أو الضفة الغربية ، وكل حديثهم عن السلام ما هو إلا كسب لوقتهم وتضييع وقت الفلسطيين والعرب ..
وحلفاء إسرائيل في العالم يفهمون بوضوح أن ما تقوم به إسرائيل الآن هدفه المشروع الصهيوني في فلسطين والجغرافيا العربية وأن الحرب الذي يشنها نتنياهو ليست إلا خطوة على طريق هذا المشروع، وأن مسرحية “حماية” إسرائيل قد انتهت فصولها ومع هذا مستمرون في دعمه وإعطائه كل الأضواء الخضراء للاستمرار في جريمته.

وكما أشرت الأمر لا يتوقف على غزة، فإن ما يحدث في الضفة الغربية التى يعتبرها الصهاينة المفصل الأهم في مشروعهم وحلمهم لا يقل خطورة وبشاعة عما يحصل في غزة، فالواقع واحد في القتل والتدمير، والدفع نحو التهجير، فبينما تتجه الأنظار إلى غزة، يقوم جيش الإحتلال بارتكابه أبشع الجرائم ضد الفلسطينيين هناك، تدمر البيوت على رؤوس ساكنيها ويقتل ويعتقل ويهجر مخيمات الضفة كما فعل في مخيمي جنين وطولكرم حيث هجر أكثر من خمسين بالمئة من سكانهما في محاولة منه لتدمير فكرة المخيم والقضاء على فكرة العودة وأن الإقامة مؤقتة فيها بانتظار العودة إلى الديار ، وبالتالي إنهاء عنوان مهم من عناوين النكبة والاحتلال، كما تفعل إزاء وكالة الغوث للاجئين “الأونروا” العنوان الكبير لمأساة الفلسطينيين ناهيك عن عمليات الإزاحة لسكان مدن وقرى هناك..

هذه الحرب ليست للقضاء على المقاومة بمقدار ماهي محاولة إسرائيلية بوضع مدماك جديد في بناء الحلم الصهيوني… والحديث عن السلام لا يكون عندهم إلا بالهواء!!

يختلف الإسرائيليون ويتصادمون في الآراء ولكنهم يتفقون على الهدف بالإجماع على الفكرة الصهيونية في السيطرة على الجغرافيا وتحريف التاريخ ..

في العام ١٩٩٢ من القرن الماضي شامير رئيس وزراء إسرائيل أن ذاك قال أنهم جلبوا إلى مدريد رغما عنهم وسيظلون يفاوضون أربعين عاما ولن يصل الفلسطينيون والعرب معهم لشيء وهذا ما حصل فعلا على الأرض لأن مفهوم السلام عند هؤلاء مختلف تماما عن مفهومه عند العرب فهم يفهمونه سلام مقابل سلام ويكونون هم أصحاب الأمر بكل شيء ولا يوجد في قاموسهم تنازل عن الأرض لذلك سيظلون يتلهون بالفلسطينيين والعرب والعالم بقصة السلام مائة عام أخرى دون الوصول إلى أي نتيجة بنفس الوقت الذين هم ماضون بتنفيذ حلقات مشروعهم ليس في فلسطين فقط بل بجفرافيا المنطقة كلها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ..وسيستمرون بعقد الاتفاقات والإنقلاب عليها …

كما وصفهم الله في القرآن الكريم… “أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون”…
فلا فرق بين يمين ويسار فالإختلاف عندهم بالأسلوب ونوعية الخديعة فطريقهم واحد وهدفهم واحد ولن يحيدوا عنه طالما ظلت الظروف في المنطقة والعالم تخدمهم… هذه حقيقة المعركة وغير هذا الفهم يكون وهما…

    إقرأ الخبر السابق

    “رمضانيات 2025” تحتفل بالمناسبات الوطنية والعالمية في المركز الثقافي الملكي

    اقرأ الخبر التالي

    كتلة هوائية دافئة تؤثر على الأردن منتصف الأسبوع

    الأكثر شهرة