سوريا.. تداخل الجهات وتقاطع المصالح..

بقلم: محمد حسن التل

تتداخل جهات كثيرة وتتقاطع مصالح عديدة فيما يحدث في سوريا منذ أيام، إسرائيل أولًا لها المصلحة الكبرى في إفشال الدولة السورية الجديدة لأنها لا ترغب في أن يكون بجوارها في سوريا دولة ذات سيادة وقرار، والمعلوم أنها منذ اللحظة الأولى لسقوط الأسد قامت بإلغاء اتفاقية عام 1974 من طرفها ودخلت إلى الأراضي السورية واحتلت مساحات واسعة سواء في منطقة جبل الشيخ أو في الجنوب السوري بحجة الحفاظ على أمنها، ثم استدارت لتعبث بالنسيج الشعبي السوري، ولوحت بأن الدروز تحت حمايتها، وأنه من غير الممكن تركهم لوحدهم، وطوهي بهذا تقصد إيجاد شرخ بين مكونات الشعب السوري الواحد ومحاولة عزل السوريين الدروز عن بقيه شعبهم، ثم طرحت بعض الجهات الإسرائيلية فكرة إنشاء ممر يصل مناطق الدروز في الجنوب الشرقي بمناطق الأكراد في الشمال الشرقي ، لتشكيل وحدة جغرافية خارجة عن سيادة الدولة المركزية في دمشق ومرتبطة بشكل ما في إسرائيل.

كل هذا يشير إلى احتمالية كبيرة بأن إسرائيل لها دور بما يجري في مناطق العلويين التي يختبئ بها أعداد كبيرة من فلول النظام الساقط، الذين أثبتت الأحداث أنهم كانوا منذ سنوات طويلة يتعاملون مع جهاز الموساد الإسرائيلي ، بالمجمل مشروع إسرائيل نحو سوريا هو التقسيم!

ثم يأتي دور إيران التي تعتبر خروجها من سوريا خسارة استراتيجية لها، وضربة قاسمة لنفوذها في المنطقة سواء المذهبي أو السياسي الأمر الذي يجعل المراقب يميل إلى تصديق التقارير التي تشير إلى تدخل إيران في اشتعال الأحداث هناك ، من خلال دعمها المباشر أو من خلال ذراعها حزب الله غي لبنان، وتصريحات القادة الإيرانيين الأخيرة التي تدعو إلى ما يسمونه تحرير سوريا وإعادة “الشرعية” ترجح أن إيران على علاقة بما يحدث.

إذا ثبت ذلك فإن طهران تكون قد ثبتت على نفسها تهمة أنها دولة تعيث خرابًا في المنطقة وأنها لا زالت ترفض أن تكون ضمن مجموعة دول الشرق الأوسط كدولة فاعلة في هذه المنظومة، وستظل بالنسبة للعالم عامل قلق وريبة الأمر الذي سينعكس على الشعب الإيراني بكل مناحي حياته وستزداد قطيعة العالم له..

أما بخصوص روسيا التي فقدت سيطرتها ونفوذها في سوريا لأكثر من عشر سينن فأعتقد أن هذا الموقف إذا ثبت لا يليق بدولة كبرى خصوصًا أنها أبدت حسن نوايا تجاه دمشق واستعدت لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، لكن هناك من يقول بأنه يوجد بعض المؤشرات السلبية على الأرض حيث فتحت موسكو قاعدة حميم أمس للمتمردين من النظام المخلوع للاحتماء من قوات الأمن السورية، ثم تلك الادعاءات التي ترددت من قبل بعض رموز النظام السابق أن روسيا أبلغتهم أنها ستقصف أرتال الجيش والأمن السوري المتجهة إلى اللاذقية وطرطوس إذا لزم الأمر،
وهذه أمور غير مؤكدة حتى اللحظة لكن محاولة بعثرة الأوراق في سوريا والعبث بالاستقرار ووجود جهات عديدة خسرت مكاسبها هناك يجعل المراقب يميل إلى تصديق ما يدور حول هذه المواقف.

سوريا اليوم تمر بمنعطف خطير لأنها تواجه أطماع كثيرة من الخارج، وتحديات كبيرة من الداخل، تلك التي خلفها النظام المخلوع الذي ظل جاثمًا على صدر السوريين ستون عامًا وأوجد فيها دولة عصابات فاشلة ودولة قتل وتعذيب ودمر الاقتصاد وكل البنية التحتية للبلاد ، لذلك يريد أعداء السوريين الذين يتربصون بهم أن يفشل مشروعهم في بناء دولة تقوم على أسس صحيحة من احترام الإنسان وحريته وتنوع الأراء وبناء إقتصاد وطني يهيء للسوريين حياة كريمة ويرفع عنهم معاناة ستون عاما من التضييق في حياتهم..

المطلوب اليوم من كل الدول العربية وكل من رحب بانتصار الثورة السورية الوقوف بوجه من يريدون إشاعة الفوضى هناك وإشعال حرب طائفية ستأتي على كل شيء ، ساعتها ستكون كل دول المنطقة مهددة باستقرارها وأمنها لذلك فإن التصريحات البلوماسية وحدها لا تفيد فلا بد ان هنالك تحركا على الأرض..

إقرأ الخبر السابق

إعلان قائمة النشامى لمواجهتي فلسطين وكوريا الجنوبية

اقرأ الخبر التالي

بلدية الكرك تضبط طنا من المواد الغذائية منتهية الصلاحية

الأكثر شهرة