الملك يصر على رفض التهجير . تأييد من حماس ورفض اسرائيلي وأمريكي لمخرجات قمة القاهرة

بقلم: كريستين حنا نصر

في نفس الوقت الذي كانت فيه طائرة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين رعاه الله تهبط في مطار القاهرة لحضور القمة العربية المنعقدة بتاريخ 4 مارس لعام 2025م ، والموافق 4 رمضان 1446 هجرية، وصلت مطار ماركا العسكري في المملكة الاردنية الهاشمية طائرتان قادمتان من قطاع غزة، تنقلان أطفال مرضى بالسرطان وآخرين مصابين جراء حرب غزة ، وذلك تنفيذاً مباشراً لتوجيهات ملكية سامية كان قد وعد بها وأوفى جلالته بالتكفل بعلاجهم ، وقد اعلن عن ذلك جلالته خلال اجتماعه في البيت الابيض مع الرئيس الامريكي دونالد ترامب .
وفي هذا الاجتماع التاريخي الطارىء للجامعة العربية الغير عادي والمنعقد في القاهرة لنصرة الفلسطينيين ، تمّ الاعلان عن مضمون الخطة العربية لاعمار غزة ، حيث لأول مرة كان الرئيس السوري أحمد الشرع حاضراً لأعمال القمة، وذلك بعد سقوط وهروب بشار الاسد ، وبوجود علم جديد للاستقلال السوري مستبدلاً بذلك علم نظام البعث السوري السابق.
وهنا أريد أولاً أن أبين وبشكل بارز ما صرح به جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في خطابه أمام القادة في القمة العربية، بما في ذلك الاشارة الى الأفكار والمضامين الأساسية التي ذكرها جلالته في لقائه مع الرئيس ترامب في البيت الابيض، وهي رفض جلالته التام لتهجير الفلسطينيين من غزة والقطاع، وضرورة اعادة إعمار غزة ضمن جدول زمني محدد ، كذلك إعداد تصور واضح وقابل للتنفيذ بخصوص إدارة قطاع غزة وربطها بالضفة الغربية ، وهنا يؤكد جلالة الملك في كلمته وتحديداً في شهر رمضان الكريم على ضرورة وقف التصعيد في الضفة الغربية ، وان الحل الوحيد هو المتمثل في حل الدولتين الذي يضمن اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967م ، مبيناً جلالته أن منع اسرائيل لدخول المساعدات الانسانية الى غزة هو اجراء مخالف للقانون الدولي ، مؤكداً ان قرار المملكة الاردنية الهاشمية هو الاستمرار في تقديم وارسال الدعم لغزة وشعبها ، الى جانب الموقف الاردني الثابت في دعم القضية الفلسطينية خاصة ما يتعلق بالرعاية والوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس.
ان مخرجات القمة العربية المنعقدة في مصر والمخصصة لمناقشة الشأن الفلسطيني وفي دورة الجامعة العربية الطارئة غير العادية، جاءت مضامينها حول خطة عربية مفادها السعي نحو منع تهجير أهل غزة والشعب الفلسطيني خارج أراضيه ، وتحديداً ما يتصل بأهل قطاع غزة لتكون المرحلة المقبلة لاعادة الإعمار ضمن خطة تكلفتها نحو 53 مليار دولار ، والتي ستجري بالتزامن مع وجود السكان فيها حيث سيعيشون دون وجود حاجة لتهجيرهم ، وقد رحبت حركة حماس بالخطة التي اعتمدتها القمة العربية في القاهرة ، ضمن مطالب بتوفير مقومات كفيلة بنجاح هذه الخطة ، انطلاقاً للتحضير لعقد مؤتمر دولي مستقبلي لمناقشة اعمار غزة وفق الخطة التي اعلنت عنها واعتمدتها قمة القاهرة ، ومن مضامين الخطة أيضاً اجراء انتخابات فلسطينية ، كذلك وجود مرحلة انتقالية لمدة 6 شهور يتم خلالها تشكيل لجنة ادارية تتكون من شخصيات فلسطينية مستقلة ، وغير مكونة من فصائل مسلحة ، وقد ثمنت حركة حماس موقف القادة العرب الرافض لمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني ، معتبرة أن هذه القمة دشنت لمرحلة متقدمة من الاصطفاف الواحد للدول العربية مع القضية الفلسطينية ، كما ثمنت حماس الموقف العربي الموحد الرافض لتهجير الشعب الفلسطيني، الى جانب تأكيد القمة على أن النكبة الفلسطينية لن تتكرر ، وأعلنت تأييدها لقرار تشكيل لجنة الاسناد المجتمعي لاعادة اعمار غزة ، مرحبة أيضاً باجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في أسرع وقت ممكن .
ولقد أكدت مصر على أن القادة العرب المجتمعين في قمة القاهرة إعتمدوا الخطة المصرية ، المتعلقة بإعمار غزة لتصبح هذه الخطة بمثابة خطة عربية ، إلى جانب وجود اتفاق وتفاهم متين حول الاسماء المقترحة لادارة قطاع غزة ، مع وجوب أن تكون الشخصيات فلسطينية مستقلة ، وذلك بالطبع في ظل وجود مناخ سياسي يشهد استدامة لحالة وقف اطلاق النار ، وبالتالي ستكون غزة بيئة مواتية تسمح بتنفيذ خطة اعادة اعمار غزة ، وقادرة على تنفيذ مراحل اعمال البناء والانتهاء منه في غضون مدة خمس سنوات ، وهذه الخطة المصرية قدمت في قمة القاهرة كخارطة طريق عربية وبديل لخطة الرئيس الامريكي ترامب التي طرحها سابقاً ، وبالتالي تعتبر خطة القاهرة بمثابة تجسيد للدولة الفلسطينية ، وهذه الخطة هي الضمان الوحيد لعدم تكرار الحرب والعنف وتمكن من تجنب نكبة الفلسطينيين .
وفي الوقت نفسه فإن الخارجية الاسرائيلية انتقدت البيان الجماعي الختامي للقمة العربية المتعلقة بالشأن الفلسطيني ، فهي ترى أي اسرائيل أن القمة لم تُدين هجمات حماس في السابع من اكتوبر عام 2023م ، وان هذه القمة اعتمدت على السلطة الفلسطينية التي اثبتت في العقود الماضية فسادها ، اضافة لفساد منظمة الاونروا أيضاً ، مؤكدة اسرائيل أنه يجب على الدول المسؤولة في المنطقة التحرر من قيود الماضي والتعاون لاجل ايجاد مستقبل آمن ومستقر لمنطقة الشرق العربي، كما أكد الجانب الاسرائيلي أن على سكان غزة الانحياز لقرار وطرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، وان لهم وحدهم الأحقية في اتخاذ قرارهم الحر ، مؤكدة اسرائيل أن على سكان غزة تبني فكرة الرئيس ترامب خاصة في ظل رفض الدول العربية مجتمعة للفرصة التي منحها ترامب لأهل غزة .
كذلك صرح البيت الأبيض ان خطة اعمار غزة التي نتجت عن مخرجات القمة العربية في القاهرة ، لا تعالج اوضاع قطاع غزة كما عالجتها فكرة ترامب ، اذ لا يمكن لاهل غزة في الوقت الراهن العيش في غزة في ظل الدمار الكبير فيها بسبب الحرب المدمرة ، خاصة في واقع الوضع الغير الانساني الذي يعيشه أهل غزة وفي مكان يتراكم فيه الحطام وتنتشر فيه الذخائر والقنابل غير المتفجرة والخطرة.
بين هذا وذاك ، وضمن كل هذه المقترحات بخصوص مصير أهل غزة والشعب الفلسطيني الذي عانى الكثير جراء الصراع بين اسرائيل وحركة حماس في غزة ، اعتقد أنه حان الوقت أن يعيش هذا الشعب حياة كريمة وعيشة آمنة محترمة ، وأن يكون لأهل غزة جواز سفر فلسطيني لكي يتمكنوا من السفر مثل باقي سكان هذا العالم ، ولا أعتقد أنه سيكون هناك ازدهار وأمان وسلام في الشرق العربي بدون حل عادل للقضية الفلسطينية والكردية ، وبعد حل كافة هذه المشاكل العالقة يمكن أن يدخل الشرق العربي في مرحلة الازدهار والبناء والسلام.

إقرأ الخبر السابق

أصول عربية لجده ووالدته .. من هو قائد جيش الاحتلال الجديد؟

اقرأ الخبر التالي

وزارة الصناعة والتجارة تحرر 53 مخالفة منذ بدء رمضان

الأكثر شهرة