
.أ.منصور البواريد
ذهبتُ اليوم إلى السوق لأشتري حاجات للبيت، فرأيت إمرأة تطلب من صاحب محل المجمدات بأنْ يبحث لها عن “أصغر دجاجة” في المحل، فذهب صاحب المجمدات وبحث لها عن أصغر دجاجة في المحل، ومسك الدجاجة ووضعها على الميزان، فتسأله المرأة “بكم سعرها” ؟ فأجاب ب “ثلاث دنانير ونيف”، فتمتمت المرأة بأنَّها غالية وسعر الدجاج أصبح باهظ الثمن بالنسبة لها، فنصرفت دون أنْ تشتري.
هذا حال أغلب المواطنين الأردنيين اليوم، وترتيبهم على السلم والهرم هو: تحت خط الفقر وفي بعض الأحيان يكونون هم وخط الفقر في نفس المقام؛ ولكن بالغالب يكونون تحته، فالحياة صعبة وعصيبة عليهم للأسف، فالطبقة الوسطى تكاد تعدم و تذهب في مهب الريح إلى اللاعودة، برغم مِنْ أنَّ جلالة الملك عبد الله الثاني-حفظه الله ورعاه- لا يُوفِّر مِنْ جُهدهِ ومن طاقتهِ شيئًا مِنْ أجل تحسين ورفعة وتطوير الاقتصاد في الأردن، وتحسين معيشة المواطن الأردني، ففي الأونة الأخير أطلق جلالة الملك ملفات كثير لتَّحديث ومن ضمن هذهِ الملفات، ملف التحديث الاقتصادي، الذي أغلب فحوى حديثه عن “التحديث الاقتصادي ومواجهة التحديات والعلو ب اقتصادنا”؛ ولكن ما الذي يحدث؟ لماذا عجلة الاقتصاد لا تتجه بالاتجاه الصحيح؟
فمحاسبة الفاسدين والالتفاف حول القيادة الهاشمية، تجعل الداخل الأردني قوي وهذا من صالح الأردن ومن صالح المنطقة بشكل عام، وليسَ من صالح العدو أيًّا كان هذا العدو، فترتيب البيت الداخلي وتصحيح المسارات في جميع المؤسسات وتصفية الفاسدين من جذورهم إنْ وجدوا هو الطريق الصحيح لرفعة بلادنا وتطويرها، وتتماشى في نفس المقام والخط وتندمج مع رؤى جلالة الملك عبد الله الثاني-حفظه الله ورعاه- في التحديثات السياسية والاقتصادية والإدارية. فقط آن الأوان أن نكون في مصاف الأمم التي بَنتْ ونَمتْ اقتصادها من لا شيء، والشيء كله هو “الإنسان”، فإلى متى يبقى الأردني تحت جحيم سياسة الحكومات الفارغة من حلول اقتصادية تخرج الأردن من هذا الضيم والعناء، متى سيكون هناك محاسبة للفاسدين، ومتى سيشعر الأردني بأنَّه يعيش الحياة بكل كرامة ولا يعيش بصعوبات نتيجة سياسات اقتصادية جعلته رهينة للبنوك، ومتى ستخرج الأردن من المأزق والانهيار الاقتصادي القديم الموجود في بلادنا العزيزة؟
فَمِنْ أولويتنا كأردنيين الهم الداخلي، مثلما تفعل أميركا “بعيدًا عن سياستها وأجنداتها”، فَهْمَّهَا الأول هو الفرد الأميركي، فهي توظف السياسة من أجل خدمة المواطن الأميركي، فيريدون من أوكرانيا الموارد الطبيعية من أجل المواطن الأميركي، ومن أوروبا أجمع وبلاد شرق آسيا وآسيا وأفريقيا، يريدون الأميركي رقم واحد من غير مُنازع في العالم جله وكله.
توجد مقولة للعالم “ألبرت أينشتاين” وهي: “أنت لا تستطيع أن تتبع نفس السياسات وتنتظر نتائج مختلفة”، فمنهج وسياسة الاقتصاد الأردني هو نفسه لا يتغير بشكل واضح وصريح للأفضل، لنتنظر نتائج إيجابية! فلا يوجد تعاون عام بين القطاع العام والخاص بشكل متين، الذي بدوره في كل مرة يؤكد ويحث جلالة الملك على تعزيز تعاون القطاعين ويقول بأنَّ القطاع الخاص له دور كبير في تحسين اقتصاد المملكة، وما زالت سياسة الحكومة ضيِّقة مع القطاع الخاص والمستثمر، فلا يوجد فريق ومطبخ اقتصادي قوي يفكر ويعطي حلول للنجاة من هذا الغريق “لا أقصد شخص بعينه”، ولا يوجد بيئة استثمارية جاذبة للمستثمر غير الأردني، فبالتالي اقتصادنا سيبقى كما هو ويزداد الدين العام على الدولة وعلى المواطن أيضًا فهي عملية متكاملة واشتراكية ما بين المواطن الضعيف المترهل وما بين الدولة الأردنية لسداد الدين. فهل نتوقع التغيير؟ نرجو ذلك أنا وكل الأردنيين..
لنجعل من دبلوماسية وسياسة جلالة الملك عبد الله الثاني-حفظه الله ورعاه- مثل يحتذى به في تقوية المملكة الأردنية الهاشمية، فأنت تريد أردن قوي فيجب أيضًا أن يكون اقتصاد الأردن قوي، ويكون لتمكين الاقتصادي دور فعلي وكبير، فمنظومة الولاء والانتماء والقيم لها علاقة بالجانب الاقتصادي، ومثالًا سريعًا على ذلك: عندما فتح باب الهجرة إلى “بريطانيا” بنسبة كبيرة من الأردنيين خرجوا للهجرة وذهبوا إلى أميركا بطرق التهريب والمجازفة والتضحية بالأرواح، كل هذا لماذا؟ لأنَّ الأردن تعاني من ترهل اقتصادي صعب وصعب للغاية مما ينعكس على المواطن الأردني من ناحية المعناة، فالمحافظة على البلاد والمحافظة على الأمن الداخلي، وجب وجود اقتصاد قوي، فالاقتصاد هو أبو العلوم يتحكم ويرسم في كل شيء، معدل البطالة بين الشباب الذين أعمارهم ما بين 19 – 25 ما يقارب 48% مما يشكل ظلم كبير على هذهِ الفئة المهمة في مكونات أية دولة بالعالم، فهي مخزن ومصنع الطاقة والعطاء والقوة والفكر والتطور، فالهوية الوطنية مرتبطة بالتاريخ والقيم، فالتاريخ موجود لا أحد ينكره؛ ولكن إذا كان للقيم وجود فلا يكون للفساد وجود.
فجلالة الملك عبد الله الثاني-حفظه الله ورعاه- يريد بأن يتم دفع عجلة نمو الاقتصاد إلى الأمام، ويريد النهضة الفعلية التي تُترجَم إلى أفعال على أرض الواقع، لا كلام بكلام فقط! فمن جهة أخرى فإنَّ تعزيز الابتكار هو أمر حيوي لتحقيق التنمية المستدامة، فيجب أنْ يعمل الجميع ضمن إطار مؤسسي متوازن يشجع التعاون بين الجهات المختلفة، مع ضمان مرونة الحكومة في اتخاذ القرارات، فالهدف النهائي هو تحقيق مصلحة الوطن والمواطنين، مع الحفاظ على حقوق الأفراد وضمان مشاركتهم الفاعلة في صنع القرار، هذا النهج المتوازن في المفتاح لتعزيز الاستقرار والتنمية في الأردن.
فإنَّ المرحلة تتطلب العمل بمنتهى الشفافية والوضوح تحقيق مبدأ الحوار الفاعل لكل القرارات التي يتم اتخاذها، وفعلًا كما قالوا “لا نهضة شاملة بدون ثقة المواطن بمؤسساته”.
فحديث جلالته مليئ بالأمل، والثقة على تعزز رفعة الأردن اقتصاديًّا وتحسين الأردن من جميع النواحي، والقوة التي يريد جلالة الملك ترجمتها واقعيًّا، هي الاهتمام والمتابعة المباشرة لتحسين مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي، والمساهمة في خلق تنمية في المحافظات ومعالجة الترهل الإداري المتربط بالشأن الاقتصادي بالصورة التي تعكس إيجابيًّا على المواطنين، ورفد خزينة الدول للحد من الدين العام وتقليصه، دائمًا غاية وهدف جلالة الملك عبد الله الثاني-حفظه الله ورعاه- مصلحة الأردنيين أولًا وأخيرًا، فنحن نتفاءل دومًا برؤية الملك لرفعة الأردن والأردنيين، كيف لا نتفاءل وهو وجه الخير والمحبة.
حفظ وحمى الله المملكة الأردنية الهاشمية قيادةً وشعبًا وجيشًا