
اخبار ع النار-في خطوة أثارت جدلا واسعا، نشر الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقطع فيديو تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي على منصته “تروث سوشال”، يُظهر قطاع غزة وقد تحول إلى مدينة سياحية فاخرة، في مشهد بدا منفصلا تماما عن الواقع المأساوي الذي يعيشه سكان القطاع.
يبدأ الفيديو بمشاهد مأساوية لأطفال يفرون وسط الدمار، قبل أن ينتقل إلى مشاهد تُظهر غزة كمدينة مزدهرة مليئة بالسيارات الفاخرة وناطحات السحاب، مع لافتات كُتب عليها “ترامب غزة”.
ويظهر ترامب نفسه مستمتعا بوقته، يراقص الفتيات، بينما يظهر الملياردير إيلون ماسك وهو يتناول أطعمة تقليدية ويلقي الأموال في الهواء، في مشهد أثار غضب الفلسطينيين الذين رأوه استفزازيا، خاصة في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة بعد الحرب.
وقد حصد الفيديو أكثر من 10 ملايين مشاهدة منذ أن نشره ترامب عبر حسابه على إنستغرام.
رفض فلسطيني
ووسط الأوضاع الصعبة التي تعيشها غزة بعد الحرب التي استمرت ما يقارب 16 شهرا، يرفض الفلسطينيون أي محاولات لفرض واقع جديد عليهم، ويؤكدون تمسكهم بأرضهم وحقهم في العيش الكريم، خصوصا في ظل انتشار فيديوهات وتصريحات تروج لمشاريع تهجيرية كان آخرها فيديو الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وعبّر أيمن أبو رضوان، وهو أحد النازحين في غزة، عن موقفه الرافض لهذه المخططات، مؤكدا أن: “الفلسطينيين يحبون الحياة ويطمحون لمستقبل أفضل، لكن ليس بهذه الصورة والفيديو الذي يروّج له ترامب، الذي يتنافى مع الأسس والقيم الإنسانية التي خُلقنا من أجلها”.
ويضيف أبو رضوان: “نرفض أن نُعامل كمجرد أرقام أو قطعان تُقاد نحو مخططات تُرسم لنا دون إرادتنا. نحن لا نغادر أرضنا إلا بإرادتنا، وإذا خرجنا، فسنخرج لنُعمّر ونبني مستقبلا أفضل، وليس كضحايا لمشاريع سياسية مشبوهة”.
فلسطين لا تباع
ويرى المواطن أبو رضوان أن الحل لا يكمن في فرض واقع جديد عليهم بل في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ودعم حقوق الفلسطينين المشروعة بإقامة دولة فلسطينية.
ويقول أبو رضوان: “العالم المتحضر لا يجبر أحدا على ترك أرضه بهذه الطريقة المهينة. نحن شعب مثقف، لدينا طاقات شبابية متعلمة، لا نفعل شيئا سوى أن نتعلم أو نناضل لإنهاء الاحتلال، فلماذا يُترك الاحتلال ليستمر بدلا من دعمنا لنيل حقوقنا؟”.
وفي تعبير رمزي عن تمسكه بوطنه، حفر أبو رضوان وشم “مفتاح العودة” على يده، في إشارة إلى حق العودة الذي يتمسك به الفلسطينيون في الداخل والخارج.
ويختتم حديثه قائلا: “كما أفشلنا صفقة القرن التي كان بطلها ترامب، سنفشل أيضا كل مخططات التهجير الجديدة”.
التمسك بالأرض خيار لا رجعة عنه
من جهته، يؤكد ناهض أبو الكاس، أحد سكان غزة، رفضه القاطع لكل ما يروج له ترامب وغيره من السياسيين حول مستقبل القطاع، مشددا على أن “هذه التصريحات فارغة من مضمونها ولا تمثل أهل غزة بأي شكل من الأشكال”.
ويضيف أبو الكاس “لا يهمني أين أعيش، سواء في خيمة أو في الشارع، الأهم أنني موجود في بلدي وعلى أرضي. لا شيء يمكن أن يدفعنا للخروج منها”.
ويشير إلى أنه “مهما حاول ترامب أو أي دولة أخرى فرض واقع جديد، فلن نغادر. لا يوجد مكان في العالم أجمل من هذه الأرض، ولن نستبدلها بأي مكان آخر”.
عقلية استعمارية متجذرة
اعتبر الناشط خالد صافي أن هذا الفيديو يعكس “عقلية المستعمرين عبر التاريخ”، متسائلا: “إلى متى ستظل فلسطين قضية تُساوَمُ عليها؟ ومتى يتحرك القانون الدولي لمنع إعادة كتابة التاريخ بمجازر جديدة؟”
في حين وصف الناشط تامر، عبر منصة “إكس”، الفيديو بـ”المهزلة”، مشيرا إلى أن ترامب يتخيل غزة بعد امتلاكها، حيث يظهر في المشهد فندق ترامب، وإيلون ماسك يتناول الطعام العربي على الشاطئ، وسط أجواء احتفالية تخفي خلفها واقعا من الدمار والتهجير القسري.
وعلق أحد المغردين قائلا “الفيديو كارثي ويدل على نظرة ترامب ومدى استخفافه بكل العالم”.
وأشار مغردون إلى أن غزة ستظل “حائط الصد الذي تتحطم عليه أحلام الإسرائيليين ومن يدعمهم”، مؤكدين أن صمودها أفشل العديد من المخططات السابقة، وما زالت تقاوم بدمائها في وجه مشاريع التهجير.
ورأى بعض النشطاء أن ما يحدث يعكس حالة الفوضى العالمية، قائلين: “نحن في مرحلة انتقالية بين عالم قديم يموت وآخر لم يولد بعد، وبينهما برزخ تظهر فيه وحوش السياسة والاستعمار، حيث تتحول فلسطين إلى ساحة تجارب جديدة لأطماع القوى الكبرى”.