ليس غوغل فقط.. مايكروسوفت شاركت في حرب الإبادة على غزة

اخبار ع النار-لم تكد تمر بضعة أيام على سريان وقف إطلاق النار في غزة، حتى ظهرت تقارير ووثائق مسرّبة جديدة تؤكد تورط جهات جديدة بشكل مباشر في حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع، هذه المرة كانت الفضيحة من نصيب شركتي مايكروسوفت وغوغل.
ففي 21 يناير/كانون الثاني الماضي، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرًا يوثق تزويد شركة غوغل للجيش الإسرائيلي بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي التي طورتها الشركة، وذلك منذ بداية الحرب على غزة.
وبعد يومين فقط، أكد تحقيق صحفي جديد نشرته صحيفة “الغارديان”، استنادا إلى وثائق سرّية مسرّبة، تصاعد اعتماد الجيش الإسرائيلي على تقنيات شركة مايكروسوفت السحابية وأنظمة الذكاء الاصطناعي خلال أشد مراحل قصفه على القطاع.
في سياق حرب إبادة استخدمت فيها إسرائيل أنظمة تقنية متطورة، مثل نماذج الذكاء الاصطناعي “غوسبل” و”لافندر” لتحديد أهداف القصف. تُبرز تلك الوثائق الجديدة كيف ساهمت شركات التقنية الأميركية الكبرى في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية، إذ ظل هذا الدور دون توثيق ملموس ودون أدلة واضحة وقوية إبان الحرب، خاصة مع نفي تلك الشركات أيَّ مساهمة لها في العمليات العسكرية، رغم ظهور بعض المؤشرات والتصريحات من قيادات الجيش الإسرائيلي التي أشارت إلى هذا الدور.
لذا، فهذه هي المرة الأولى التي تؤكد التقارير والملفات الداخلية هذا التعاون المباشر بين شركات التقنية الكبرى والجيش الإسرائيلي في حرب الإبادة على قطاع غزة.

شراكة جديدة مع غوغل
في مايو/أيار 2024، وقّع قرابة 200 موظف داخل مختبر “ديب مايند”، وهو قسم الذكاء الاصطناعي التابع لشركة غوغل، على خطاب يطالب الشركة العملاقة بإلغاء عقودها مع المؤسسات العسكرية بشكل عام، وفقًا لنسخة من الخطاب اطّلعت عليها مجلة “تايم” ونشرت عنها تقريرا في أغسطس/آب 2024.
انتشر هذا الخطاب وسط تصاعد المخاوف داخل قسم الذكاء الاصطناعي من بيع تقنياته إلى الجيوش المتورطة في الحروب عالميا، الأمر الذي وصفه الموظفون بأنه انتهاك لقواعد الذكاء الاصطناعي الخاصة بشركة غوغل.
ورغم أن الموظفين في خطابهم أكدوا أن رسالتهم لا تتعلق بأي صراع ناشب في أي مكان بالعالم وقت إرساله، في محاولة للنأي عن استهدافهم من قبل اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، جاء الخطاب ليكون علامة جديدة وواضحة على تصاعد حدة الخلاف داخل شركة غوغل، على الأقل بين بعض موظفي قسم الذكاء الاصطناعي، الذين تعهدوا بعدم المشاركة في تطوير التقنيات العسكرية، وبين قسم الأعمال السحابية الذي يبيع خدمات غوغل السحابية، ومنها تقنيات الذكاء الاصطناعي التي يطورها مختبر “ديب مايند”؛ للعديد من الحكومات والجيوش ومنها الجيش الإسرائيلي، وخاصة التعاون الذي نشأ من مشروع “نيمبوس”.
التناقض الحالي يسلط الضوء على شروط استحواذ غوغل على شركة الذكاء الاصطناعي البريطانية “ديب مايند” عام 2014، إذ تضمنت الصفقة تعهدًا بعدم استخدام تقنياتها لأغراض عسكرية أو أمنية. هذا التعهد أكده مؤسس شركة “ديب مايند”، ديميس هاسابيس، في لقاء صحفي عام 2015. اليوم، يشرف هاسابيس على مختلف عمليات تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي تحت العلامة التجارية “غوغل ديب مايند” (Google DeepMind)، التي تشمل تطبيقات متطورة في معالجة الصور والفيديو والصوت بالإضافة إلى المساعد الذكي “جيميناي”.
تتبنّى غوغل سياسات معلنة تقضي بعدم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في أي تطبيقات قد تُلحق ضررًا بالبشر. كما تتضمن برامج الشركة المتعلقة بحقوق الإنسان مراجعات دقيقة للمنتجات والسياسات لضمان امتثالها للمعايير الدولية، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتشجع الشركة موظفيها على الإبلاغ عن أي انتهاكات أو مخاوف تتعلق بنشاطات الشركة.
لكن الأمر ليس بهذا النقاء! إذ تُظهر الوثائق الداخلية للشركة، التي حصلت عليها صحيفة “واشنطن بوست”، أن غوغل قدمت مساعدة فعلية لوزارة الدفاع والجيش الإسرائيلييْن.
فقد أظهرت تلك الوثائق أنه في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” بدأ أحد موظفي قطاع الخدمات السحابية في غوغل تصعيد طلباته بهدف توفير وصول أوسع إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي لصالح وزارة الدفاع الإسرائيلية. كما أشارت الوثائق إلى سعي الوزارة الإسرائيلية بصورة عاجلة لتوسيع نطاق استخدامها لمنصة “فيرتكس أي آي” (Vertex AI)، التي تتيح للعملاء تطبيق خوارزميات الذكاء الاصطناعي على بياناتهم الخاصة.

علاقة راسخة مع مايكروسوفت
الأغرب في هذا الوضع هو تأخر التقارير التي تشير إلى دور مايكروسوفت مع الجيش الإسرائيلي، بالنظر إلى العلاقة القديمة والراسخة بين الشركة وجيش الاحتلال. التقرير الصحفي هذه المرة من “الغارديان”، وأجرته بالتعاون مع مجلة “972+” ومنصة “لوكال كول” العبرية، واستند إلى وثائق مسرّبة حصل عليها موقع “دروب سايت نيوز”، بجانب مقابلات مع مصادر من الأوساط الدفاعية والاستخباراتية الإسرائيلية.
تمتد العلاقة بين شركة مايكروسوفت إسرائيل لعقود طويلة، حيث بدأت أولى محطاتها بإقامة أول مركز بحثي للشركة خارج الولايات المتحدة في الأراضي المحتلة عام 1991. منذ ذلك الحين، تعمّقت هذه العلاقة عبر سنوات من التعاون والاستثمار في تطوير تقنيات عسكرية لصالح جيش الاحتلال، إذ عقدت الشركة الأميركية صفقات ضخمة تضمنت التزامها بتزويد جيش الاحتلال ووزارة الدفاع بعدد غير محدود من منتجاتها، بالإضافة إلى تبادل واسع للمعلومات بين الطرفين.
لم تقتصر العلاقة على الصفقات فحسب، إذ تُعرف وحدات الاستخبارات التابعة لجيش الاحتلال، مثل الوحدة الشهيرة “8200”، بتأسيس شركات ناشئة لأغراض عسكرية. لا تكتفي تلك الشركات بتطوير المنتجات، بل تعمل أيضًا على تدريب كوادر بخبرات تقنية تجذب اهتمام شركات كبرى مثل مايكروسوفت.
على مدى السنوات الماضية، استحوذت مايكروسوفت على العديد من الشركات الناشئة المرتبطة بجيش الاحتلال، بل استعانت أحيانًا بفرق العمل داخل تلك الشركات، إلى جانب استثمارها في شركات إسرائيلية أخرى خلال السنوات القليلة الماضية.
تُظهر الوثائق المسرّبة أن مايكروسوفت عززت تلك الشراكات السابقة أكثر مع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية عقب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عبر توفير خدمات التخزين السحابية والحوسبة المتطورة للجيش الإسرائيلي. كما تضعها وزارة الدفاع الإسرائيلية في تصنيف الشريك الموثوق، لذا تكلّف مايكروسوفت بمشاريع شديدة السرية والحساسية.
تؤكد تلك الوثائق، التي تضمنت سجلات من وزارة الدفاع الإسرائيلية وملفات من فرع مايكروسوفت إسرائيل، أن الجيش الإسرائيلي استفاد من منصة “أزور” السحابية في دعم الأنشطة القتالية والاستخباراتية. كما عمل موظفو مايكروسوفت عن كثب مع الجيش الإسرائيلي، سواء عبر تقديم المشورة الفنية عن بُعد، أو عبر تواجدهم في القواعد العسكرية.

إقرأ الخبر السابق

قتال ضار للسيطرة على جسر إستراتيجي في الخرطوم

اقرأ الخبر التالي

وزير الأوقاف: سنضبط الحج المخالف.. وتحويل 4 حالات للنائب العام

الأكثر شهرة