اخبار ع النار-أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الأحد، بأن صفقة التبادل وإنهاء الحرب على قطاع غزة تبدو قريبة، ناقلة عن مسؤولين تفاؤلهم بذلك، لا سيما بعد الضغوط التي مارسها ستيفن ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب وبريت ماكغورك مبعوث الإدارة الحالية في اجتماعات الدوحة.
وأكدت صحيفة يديعوت أحرونوت أن الهدف من المفاوضات الجارية هو صياغة صفقة في غضون 8 أيام، أي قبل تنصيب ترامب يوم 20 يناير/كانون الثاني الجاري، مشددة على أهمية المناقشات المتوقعة اليوم بعد وصول الوفد الإسرائيلي الذي سمح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمس السبت بتوجهه إلى الدوحة، بحسب ما نقلته عن مسؤولين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله “هذه المرة هناك تفاؤل ويبدو الأمر أقرب من أي وقت مضى” بعد محادثات استمرت لأسابيع، وفق تعبيره.
لكن المصادر العبرية تشير أيضًا لدور مبعوث ترامب الخاص، ستيف فيكتوف، الذي وصل تل أبيب بشكل مفاجئ بعدما مكث في الدوحة، ومرّر رسالة مشابهة لرسالة مكغورك حول الحاجة لإنجاز صفقة تبادل قبل دخول الرئيس الجديد للبيت الأبيض، بعد ثمانية أيام.
ويقول “واينت” إن الرسائل المتطابقة بين مبعوثي بايدن وترامب تعني أنه لا يوجد فارق في الموقف الأمريكي، وينقل عن مصدر سياسي كبير قوله إن الصيغة المطروحة اليوم تشمل الإفراج عن 33 أسيراً، لكن عدد الأسرى الفلسطينيين مقابلهم غير معروف بعد، ويضيف المصدر: “فقط بعدما نعلم عدد المخطوفين الأحياء وعدد القتلى، ونحن أمام يوم مهم”.
تقدّم وليس شقّ طريق
وتوضح الإذاعة العبرية العامة، صباح اليوم، أن موافقة نتنياهو على ذهاب قادة المؤسسة الأمنية للدوحة يأتي نتيجة سببين: أولهما ضغط كبير من ترامب الذي يوفد مبعوثه للمنطقة، وكذلك إبداء “حماس” ليونة في موقفها.
في المقابل، تنبّه الإذاعة العبرية أن هذا ليس نهائيًا، لأن “حماس” غزة ربما ترفض الموقف البراغماتي لـ “حماس” الخارج، منوّهة أن التليين هو موافقة “حماس”، يتمثّل بتسليمها قائمة بأسماء الأحياء، وموافقة على تواجد عسكري إسرائيلي في هذه المرحلة في محوري فيلادلفيا ونتساريم.
وتضيف: “هناك نقاط تقدم أخرى. هذا الضوء الأخضر من نتنياهو جاء يوم الجمعة بعد اجتماع أمني ترأسه نتنياهو. بيد أن الصفقة ستكون حقيقية وأقرب للتحقق مع دخول ترامب للبيت الأبيض ونحن الآن دخلنا هذه المرحلة. ستبدأ المفاوضات بعد ظهر اليوم الأحد، ووجود الطاقم المفاوض الرفيع يعني تقدمًا، ولكن ليس شقًا للطريق بمعنى إنجاز اتفاق، علمًا أن الطواقم المهنية الإسرائيلية موجودة في الدوحة منذ أسبوع”.
وتدلل تجارب الجولات السابقة أن هناك كذبًا وأخطاء وتضليلًا في التقارير الإعلامية والتصريحات السياسية حول حظوظ الصفقة المطروحة، لا سيّما أن المعركة على الرواية والوعي مستمرة، وطرفا الصراع يحاولان الظهور بأنهما معنيان فعلًا بها في ظل ضغوط داخلية وخارجية.
خسائر إسرائيلية
وتتزامن التقارير المتفائلة حول تقدم مداولات الصفقة مع عملية جديدة موجعة للمقاومة في بيت حانون، تقتل وتصيب عددًا كبيرًا من الجنود الإسرائيليين (أربعة جنود قتلى، وستة جرحى)، وقبلها إصابة ثمانية جنود يوم الجمعة الأخير. وفي المجمل عشرة جنود قتلى في الأسبوع الأخير (400 جندي إسرائيلي قتيل في القطاع منذ بدء الحرب)، علاوة على استعادة مخطوفين فارقا الحياة.
هل وكيف تؤثر خسارات الجيش الإسرائيلي على الإسرائيليين؟ على الاحتجاج ومصير الحرب وعلى الصفقة العالقة؟
أمام هذه الخسائر الحقيقية في صفوف جيش الاحتلال في القطاع، هناك صرخة متصاعدة لدى المراقبين وأوساط الرأي العام في إسرائيل، ممن يرون أن الثمن باهظ، وأن الجنود يموتون مجانًا وعبثًا، كما أكد مجددًا الجنرال في الاحتياط، رئيس حزب “الديموقراطيين”، يائير غولان، في الليلة الفائتة، ضمن حديثه للقناة 12 العبرية.
ومثلما يؤكد زميله الجنرال في الاحتياط، نوعم تيفون، الذي اعتبر، في حديث للإذاعة العامة، أن الجنود يموتون في غزة دون جدوى. وهناك تزايد في عدد المراقبين الإسرائيليين ممن يحذرون من أن القادم أعظم من هذه الناحية، فيؤكد، على سبيل المثال، رئيس معهد الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب، الجنرال في الاحتياط ميخائيل ميليشتاين، الذي ينبّه إلى أن التغلب على “حماس” وحسمها لا يمكن بالطريقة العسكرية فحسب، ودون خطة لليوم التالي تدفع ببديل سلطة “حماس” في القطاع.
وهناك من حذّر ويحذّر من حرب استنزاف على غرار حرب لبنان الأولى في غزة، أمثال المعلق البارز، ناحوم برنياع، وزميلته المعلقة البارزة، سيما كادمون، التي تقول إنها سئمت من الأخبار السيئة القادمة من غزة، ومن رؤية جنازة وراء جنازة.
وتنضم لهما زميلتهما في “يديعوت أحرونوت”، اليوم، حين آرتسي سرور، في مقال بعنوان “دوائر الفقدان” أو “الفقدان غير المتوقف”، تقول فيه: “إن ضيعتنا صغيرة، والكل يعرف الكل، وكلمة سمح بالنشر توقف النفس ونبضات القلب، والكثيرون يرجون ألا يكون موت أقاربهم من الجنود في القتال عبثًا،” فيما عاد وشدد الجنرال في الاحتياط يسرائيل زيف، في مقال نشره موقع القناة 12 العبرية، أن غزة تتحول إلى فيتنام، محذرًا من التورط في وحلها.
وفي المقابل اشار المعلق في القناة 12، بن كاسبيت، لاحتمال مواصلة نتنياهو المناورة، ومحاولة الكذب على ترامب.
ومن بين الذين يرشون الماء البارد على التقارير المتفائلة على مداولات الصفقة الحالية، محلل الشؤون الاستخباراتية في “يديعوت أحرونوت” وصحيفة “نيويورك تايمز”، رونين بيرغمان، الذي يرى أن خروج طاقم المفاوضات الإسرائيلي يبعث نسمة تفاؤل، لكن ينبغي الحذر من موجة الشائعات.
ويضيف أن الأنباء الجيدة تقول إن ثلاث دول تريد ترضية ترامب، مقابل أنباء سياسية تقول: “لم تحل بعد واحدة من القضايا الجوهرية العالقة”.
ويتفق بيرغمان مع ما يقوله زميله المعلق، شيمعون شيفر، بأن المخطوفين سيعودون أحياء وأموات فقط عند استجابة نتنياهو لطلب “حماس” بوقف الحرب والأفضل صفقة واحدة، لا صفقة صغيرة متدرجة. وهذا ما تؤكده عائلات المحتجزين، صارخة بأن صفقة إنسانية صغيرة تعني حكمًا بالإعدام على من لا تشمله.