أخبار ع النار – علاء عواد
أكدت النائب تمارا يعقوب ناصر الدين، أن الأردن بحاجة لمراجعة العناوين ووضع تعريفات جديدة لكثير من المصطلحات التي تحولت إلى أدبيات ثابتة لبنود موازنة لم تعرف أي شكل من أشكال المطابقة بين الموارد والنفقات منذ عدة عقود، وهذا العجز الدائم في الموازنة بات جزءًا لا يتجزأ منها، ولعل أهم سبب لهذا الوضع الذي أشبه ما يكون بالمرض المزمن هو المديونية المتصاعدة التي تحل مشكلة عند الاقتراض، وتخلق في المقابل سلسلة من المشاكل اللامتناهية لاحقًا، خاصة عندما يكون سببها سد العجز الطارئ في النفقات ، بدل أن يكون إقامة المشروعات التشغيلية الإنتاجية طويلة الأمد.
وقالت ناصر الدين خلال جلسة النواب التشريعية لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، اليوم الاثنين، إن هذا المجلس يستطيع تقديم مقترحات للحكومة على غرار التي تضمنتها استراتيجيات الأحزاب، ومنها حزب الميثاق الوطني الذي وضع بالتشاور مع عدد كبير من المختصين والخبراء والباحثين منهجية واقعية وقابلة للتنفيذ، إلا إذا تمسكت السلطة التنفيذية بأسلوبها المتوارث الذي أراد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله وضع حد له من خلال رؤية التحديث الاقتصادي التي تنتهي مرحلتها الأولى العام الحالي 2025 ، وتتوالى مراحلها الثانية والثالثة حتى نهاية العام 2033.
وتابعت: ” والسؤال الذي لا بد من الإجابة عليه؛ هل هناك ترابط أكيد بين المشاريع الرأسمالية المدرجة في الموازنة العامة وتلك المدرجة ضمن مشاريع رؤية التحديث الاقتصادي وهل تمت مراجعة السنوات الماضية من المرحلة الأولى في عهد الحكومة السابقة لمعرفة الواقع الذي تسلمته الحكومة الحالية وهل تخصيص 300 مليون دينار ضمن موازنات الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية للمشاريع المرتبطة بالرؤية، يعتبر دليلا على أن الرؤية هي الإطار العام للنهج التنموي كله ، أم أنها مشروع قائم بذاته تمنحه الحكومة دعما ماليا على قدر استطاعتها، فمن المفترض أن يتم تطبيق 344 مبادرة ضمن الرؤية الاقتصادية حتى نهاية العام الحالي، فماذا تم تطبيقه منها على أرض الواقع، وما مدى النجاح الذي تحقق؟.
وخاطبت ناصر الدين الرئيس في مسألة حان حسمها فيما يخص قواعد المساءلة عن الأداء، وهي في الواقع إشكالية ناجمة عن أمرين: أولهما عدم إفصاح الحكومة عن حقيقة الوضع الذي تسلمته من الحكومة السابقة، وأنا أتحدث هنا عن جميع الحكومات بصفة عامة ، والثاني سوء فهم المعنى الصحيح لمفهوم البناء على الانجاز من منظور الانجاز الشمولي لأداء الدولة بجميع سلطاتها وعناصر قوتها وعوامل تطورها ، وبين الأداء الحكومي في إطار مسؤوليات السلطة التنفيذية، لأن البناء على الإنجاز يقابله التغلب على الفشل، وخاصة ذلك المتعلق بعدم القدرة على تجنب الاستدانة حتى بلغت المديونية حدا لا معقول ولا مقبول.
واشارت إلى أن تقرير ديوان المحاسبة للعام 2023 يعكس في كثير من جوانبه غياب الحوكمة بمعاييرها الثلاثة “التشاركية والشفافية والمساءلة” والتي لو تم اعتمادها لتشكلت لدينا حالة مستقرة ودائمة من الإدارة الرصينة والمحكمة العابرة للحكومات كما يقال، والحكومة مطالبة بتسوية تلك التجاوزات والمخالفات وضررها وأثرها على المال العام.
وأضافت: ” تلتقي الآراء على حقيقة أن تقديرات الموازنة للنفقات تفرض على الحكومة التزام خاصة وأن النسبة الأعلى منها مخصصة للرواتب والأجور، الأمر الذي يضعها أمام معادلة معقدة إذا ما أدى ترشيق الجهاز الحكومي إلى زيادة معدلات الفقر، كما أن الايرادات هي كذلك ايرادات مقدرة ، ونسبة تحقيقها ترتبط بعوامل واعتبارات محلية وخارجية معروفة للجميع، ولذلك نحتاج الى عمليات تفكير خارج الصندوق، وبعض تلك المقترحات قد تم بالفعل تضمينها في استراتيجية الحزب، ويمكن جمعها في النقاط التالية :
أولا – العمل على تيسير إجراءات تسكين الاقتصاد الغير نظامي داخل الاقتصادي النظامي لتحقيق العدالة من ناحية وخدمة قضايا التنمية من ناحية ثانية، إلى جانب دعم مشاريع الاستثمار في المحافظات من خلال منحها حوافز إجرائية وضريبية وحمائية، ووضع تصور حقيقي ملائم لتنمية المناطق الحدودية وتوظيف خصوصيتها لإقامة وإنجاح مشاريع تنموية ذات غايات متعددة، وقابلة للشراكة مع الدول المجاوره لنا .
ثانيا – لا شك أن قطاع الزراعة في بلدنا بحاجة إلى إعادة هندسة صارمة من خلال رزنامة زراعية ملزمة لتوزيع وتنويع الزراعة وتربية الثروة الحيوانية، وتشجيع المصدرين للمنتجات الزراعية ، وإنشاء شراكة بين القطاعين العام والخاص في مجالات الزراعة التعاقدية ، وإقامة شراكة بينهما من خلال تمويل شركات تعمل في مجالات الانتاج الزراعي وتسويقه وتصديره، إلى جانب الشركات التي تعمل في مجالات التصنيع الغذائي المتقدم تكنلوجيا ، والمنافس عالمياً، وذلك بالارتباط الوثيق مع الإستراتيجية الوطنية للامن الغذائي .
ثالثا – لقد اشتملت إستراتيجية الحزب على منظومة متكاملة للعملية الاقتصادية سواء كانت في نطاق مشروع الاصلاح الاقتصادي، أو الرؤية الاقتصادية تقوم على نوع من التشبيك المباشر والقوي من قطاع الطاقة كمحرك أساسي لدعم الاقتصاد، وما يترتب على ذلك من توفير بيئة استثمارية جاذبة، وكذلك قطاع النقل باعتباره العصب الحيوي في جميع مجالات الحياة العامة، وكذلك تحفيز وتطوير ميادين السياحة التعليمية والثقافية والترفيهية والعلاجية ، والتركيز على فرادة وندرة الكنوز الأثرية التي يحظى بها بلدنا، والسعي إلى ابتكار أساليب مجدية للترويج السياحي .
رابعا – إن الشراكة بين القطاعين العام والخاص ما تزال قائمة بلا ملامح محددة ولا أهداف واضحة ولا غايات مضمونة النتائج، والسبب في ذلك هو أن مصطلح الشراكة يختلف من حيث المعنى لدى الطرفين، بل إن العلاقة التبادلية بينهما لم تصل بعد إلى المكانة التي دعا إليها جلالة الملك في مناسبات عديدة ، ونصت عليها رؤية التحديث الاقتصادي، والآن لا بد من إعادة تعريف هذه الشراكة على أساس أنها شراكة في التخطيط والتنفيذ والمسؤولية والنتائج، ومن دون ذلك سيكون من الصعب الاستفادة من تلك الشراكة وانعكاسها على التنمية الشاملة.
خامسا – إنه من الأهمية بمكان الاستفادة من التجارب المثلى التي مارستها دول قد نتشابه معها في الواقع الاقتصادي، ومنها دول عملت على إطلاق طاقات القطاع الخاص وتحفيزه وفتح كل الآفاق أمامه، وبعضها خفض من الضريبة إلى أقل المستويات، وكانت النتيجة عائدات مضاعفة للدولة نتيجة الحيوية الاقتصادية ، والتوسع في المشروعات الانتاجية والتسويق الخارجي فضلا عن تزايد فرص العمل التي ساهمت في خفض معدلات الفقر والبطالة.
وشددت: ” لقد صمد بلدنا دائما أمام كل التحديات بسبب حنكة وحكمة قيادته الهاشمية ونتيجة تضامننا المشترك في اللحظات الحاسمة أمام المخاطر والأزمات ونحن اليوم وأمام التطورات المتلاحقة في منطقتنا بحاجة إلى مزيد من الوعي ليس بأهمية ذلك التضامن بل بكيفية تضامننا من أجل أمن واستقرار وتقدم بلدنا، أو بمعنى آخر الإخلاص في القول والعمل، وخدمة مصالح الدولة وشعبها النبيل.